Tuesday, October 21, 2014

كيف تتخلص من همومك بالايمان


ثبت في البحوث الطبية أن الهم والقلق يسبب نقص المناعة، وبالتالي يضعف الجسم عن مقاومة الأمراض ويبدأ الجسم تدريجياً في الضعف والذبول حتى يصل إلى مرحلة خطيرة وقد أورد صاحب كتاب التفاؤل التلقائي ما يلي :
" أوضحت الدراسات في المجلة الطبية أن الاضطرابات النفسية الحادة ترتبط بالمناعة الخلوية في الإنسان "

وقد تعوذ الرسول صلى الله عليه وسلم من الهم كما جاء عند البخاري فقال: " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن"
يقول جون جوزيف : إن قرحة المعدة لا تأتي مما تأكل ولكنها تأتي مما يأكلك، يعني القلق والهموم وتوتر العواطف والخوف.

إذاً ينبغي على كل مؤمن أن يطرد الهم والغم من ساحته حتى لا يكون فريسة لهذا الداء الخطير
 إياك والوهم فإنه مدخل من مداخل الشيطان .
كلنا يدرك المعركة الأزلية بين الإنسان والشيطان ، هذه المعركة التي بدأت حينما توعد الشيطان بإغواء الإنسان {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } ص82 .

ويعتبر الوهم أحد مداخل الشيطان الخطيرة لإسقاط الإنسان في دائرة الشك ومن ثم ضعف الإيمان والتوحيد.
تبدأ الخطة الإبليسية بالوهم .. ثم ضعف التوحيد، ثم التعلق بغير الله.. إلى ترك الصلاة والوقوع في الهاوية عياذاً بالله من ذلك.


القرآن راحة للأرواح والأبدان :
إن القرآن العظيم كتاب هداية ونور وشفاء لما في الصدور.. لذلك نحتاج إلى نشر روح السكينة والهدوء في علاجنا لأنفسنا ومن حولنا.
إن الرقية بالقرآن راحة للأرواح وعافية للأبدان، إنها ليست رعباً وهلعاً تجعل الإنسان يتهرب أو يتردد في العلاج بكتاب الله الكريم.
يجب على كل واحد منا أن يربي نفسه وأهل بيته وجيرانه على هذا المفهوم، حتى يتقبل الجميع الرقية وهم أسكن نفساً وأهدأ حالاً.
وتأمل حال الرسول صلى الله عليه وسلم مع هذه الحالات:
1/جاء عند الإمام أحمد .. حينما أتت الرسول صلى الله عليه وسلم امرأة بابن لها قد أصابه لمم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " أخرج عدو الله أنا رسول الله قال: فبرأ
2/عن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أُصرع وإني أتكشف ، فادع الله لي قال: " إن شئتِ صبرت ولك الجنة، وإن شئتِ دعوت الله أن يعافيك ".
قالت أصبر، فقالت: إني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها. متفق عليه.

إن من أعظم النعم التي يمن الله عز وجل بها على أي مجتمع، نعمة العافية في الأبدان والأمن في الأوطان، ولذلك جاء في الحديث الشريف " من أمسى معافى في بدنه آمناً في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ". رواه الترمذي وقال حديث حسن ووافقه الألباني
ولماذا نحطم أنفسنا.. ونعطل طاقاتنا بحجة أننا مرضى.. أو نعاني من هموم وغموم وضغوط نفسية.
إننا نملك نعماً عظيمة، ولم ندرك بعد عظيم فضل الله علينا
ما أعظم نعم الله علينا لو أنا أطلقنا تفكيرنا نحو التأمل الإيجابي

1/ التوحيد :
" فما دفعت شدائد الدنيا بمثل التوحيد. ولذلك كان دعاء الكرب بالتوحيد،ودعوة ذي النون التي ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربه بالتوحيد فلا يُلقى في الكُرب العظام إلا الشرك ولا يُنجى منها إلا التوحيد ".
ومن الأمور المعينة على كشف الكرب ما يلي :
" وإذا سألت فاسأل الله ".
الصحيح أن نتوجه أولاً لله سبحانه وتعالى ، فهو القائل عز وجل : {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ }البقرة186.
فيا عجباً لنا ! إن الواحد الديان لا يغلق بابه أبداً. بل يتنزل في الثلث الأخير من الليل نزولاً يليق بجلاله فيقول هل من سائل فأعطيه .. فأين نحن من هذه الساعات المباركة واستغلالها في التضرع إلى الله بأن يكشف عنا البلاء والهم والمرض. ..
ثم تأمل معي أيها الحبيب هذه المواقف:
1/ حينما قُذف إبراهيم عليه السلام في النار .. تبدى له جبريل فقال يا إبراهيم هل لك من حاجة، فقال أما إليك فلا وأما إلى الله فنعم فقال الله عز وجل : {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ }الأنبياء69 .
2/ وفـي قصـة موسـى عليه السلام قال الله تعالى : {فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ }الشعراء63 .
3/ وهذا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حينما كان في الغار مع صاحبه أبي بكر، وكفار قريش، يحومون حول الغار طلباً للحبيب عليه الصلاة والسلام، فإذا بأصوات أقدامهم تخفق إلى جوار الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه .. فقال أبو بكر : " لو نظر أحدهم تحت قدمه لرآنا " فقال عليه الصلاة والسلام: يا أبا بكر ماظنك باثنين الله ثالثهما. { فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }التوبة40
إذا سألت فاسأل الله، فإنه سميع مجيب وإنه نعم المولى ونعم النصير.
- واعلم أن من التوحيد أيضاً: التوكل على الله، واليقين بموعوده والثقة بنصره، فلا تبخل على نفسك بهذه المعاني المباركة.. فإن فيها من لذة الإيمان .. وسعادة القلب ما الله به عليم.

2/الصلاة :
" كان عليه الصلاة والسلام إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة " وكان يقول " أرحنا بها يابلال " . رواه احمد وأبو داود
إن الإنسان إذا أراد الراحة والسعادة والعافية فلابد أن يحافظ على الصلاة .. ويستمتع بالوقوف أمام العزيز الرحيم.. وكلما اضطربت صلاتك زادت علاتك.. والحر تكفيه الإشارة.
يقول الدكتور عائض القرني في كتابه الشهير لا تحزن : " إن على الجيل الذي عصفت به الأمراض النفسية أن يتعرف على المسجد ، وأن يمرغ جبينه ليُرضي ربه أولاً، ولينقذ نفسه من هذا العذاب الواصب. وإلا فإن الدمع سوف يحرق جفنه، والحزن سوف يحطم أعصابه وليس لديه طاقة تمدّه بالسكينة والأمن إلا الصلاة ".

3/ عليك بالذكر والدعاء والاستغفار :
[وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى] طه124
" مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه، كمثل الحي والميت ".
اعلم أيها الحبيب أن الغفلة داء خطير.. ومدخل من مداخل الشيطان الرجيم.
يقول ابن القيم في الفوائد :
" كل ذي لب يعلم ألا طريق للشيطان عليه إلا من ثلاث جهات ... وذكر منها :
الغفلة : فإن الذاكر في حصن الذكر، فمتى غفل فتح باب الحصن فولجه العدو فيعسر عليه أو يصعب إخراجه.
ثم تأمل معي هذا الحديث الشريف :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قال إذا خرج من بيته بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له حينئذ: كفيت ووقيت وهُديت، وتنحى عنه الشيطان فيقول لشيطان آخر: كيف لك برجل قد هُدي وكفي ووُقي؟ " رواه أبو داوود والنسائي والترمذي بإسناد جيد.
فانظر إلى فضل الذكر وثمرته في حديث واحد فكيف بمن لازم الذكر في سائر يومه.

4/الدعاء
إن الدعاء هو لب العبادة.. وقد ثبت في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم " الدعاء هو العبادة " . رواه الترمذي وقال حديث صحيح
فمتى ما أراد المبتلى أو المريض النجاة والسعادة، فعليه بالتضرع إلى الله .. فإنها خير طريق وأيسره إلى نيل فضل الله ورحمته.
قال الله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (الأنعام42.
البأساء: الفقر والضيق في العيش.
الضراء : الأمراض والأسقام والآلام.
يتضرعون : يتذللون لله.
{فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأنعام43 .
- زين لهم : الكفر والمعاصي والعياذ بالله.

5/ الاستغفار :
قال عز وجل مبيناً أثر الاستغفار على الفرد والأمة {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ }هود52.
فطوبى لمن لزم الاستغفار.. ونال الفضل الكبير من الواحد القهار.

6/ كم رصيدك في بنك الأعمال الصالحة :
جاء عند الإمام الترمذي في سننه: قوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس ": يا غلام احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك " .
وفي رواية أخرى صححها الألباني : " تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة ".
وقال أحد السلف كما ذكر ذلك ابن رجب في جامع العلوم والحكم :
" تدبرت هذا الحديث ، فأدهشني وكدت أطيش ، فوا أسفا من الجهل بهذا الحديث وقلة التفهم لمعناه ".
ومعنى الحديث : " أن من حفظ أوامر الله وقام بما أوجب الله عليه وانتهى عما نهى عنه حفظه الله فإن الجزاء من جنس العمل " .
قال تعالى : { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ }البقرة40 .
إذاً هي المعادلة الربانية.. كم رصيدك من الأعمال وكم حفظت الله في الرخاء.. تكون المحصلة واضحة وجلية.
- ولذلك قال الله عز وجل في حق يونس عليه السلام : {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }الصافات144.
- وقال عز من قائل :{وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ }الأنبياء90
- والحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ،كان يتحنث في الغار الليالي الطوال.. وفي بدر رفع يديه إلى مولاه فاستجاب الله له : " أبشر يا أبا بكر هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده على ثنايا النقع " املأ رصيدك بالطاعات.. يأتيك الفرج من رب الأرض والسموات.

7/ غير جو :
وقال أبو ذر رضي الله عنه : " إني لأستجم بشيء من اللهو حتى أتقوى على الحق".
وكان ابن سيرين يضحك بالنهار، فإذا جن عليه الليل فكأنما قتل أهل القرية.

8/الصبر أفضل مضاد حيوي :
اصبر وما صبرك إلا بالله، اصبر صبر واثق بالفرج، عالم بحسن المصير ، طالب للأجر، راغب في تكفير السيئات ، اصبر مهما ادلهمت الخطوب، وأظلمت أمامك الدروب، فإن النصر مع الصبر، وإن الفرج مع الكرب ، وإن مع العسر يسرا.
- اصبر : { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ } الزمر10 .
- اصبر. وانتظر الفرج .. فإن انتظار الفرج عبادة.
- اصبر.. وتيقن بالفرج وتذكر:
1-أن يعقوب عليه السلام فقد يوسف أعواماً عديدة حتى ابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ..
ثم هبت رياحُ الفرج على ذلك الشيخ الكبير صاحب القلب الوجيع ليقول : { إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ } يوسف94.
لتكتمل الفرحة بعد رحلة العناء .. ولذة الصبر .. وبرد اليقين ..
ولتنتهي القصة وهي في أجمل صورها.. وأمام مشهد رائع وانتصار بهيج : {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّداً } يوسف100 .
2- تذكر أن أيوب أُوذي في جسده بأنواع من البلاء.. ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه يذكر الله عز وجل بهما.
لقد لبث به البلاء ثماني عشرة سنة وهو في ذلك كله صابر محتسب.
ثم جاء الفرج.
{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِين}
صبراً جميلاً ما أقرب الفرجا
من راقب الله في الأمور نجا
من صدق الله لم ينله أذى
ومن رجاه يكون حيث رجا

No comments:

Post a Comment